الأحد 23 نوفمبر 2025 02:50 مـ 2 جمادى آخر 1447 هـ
المجلة نيوز
رئيس مجلس الإدارةمحمد فوزي رئيس التحريرايمن أبو بكر
Embedded Image
×

العدل والقسط في القرآن الكريم.. ميزان السماء في أرض الإنسان

الجمعة 17 أكتوبر 2025 11:54 مـ 24 ربيع آخر 1447 هـ
العدل في القرآن
العدل في القرآن

يُعد العدل والقسط من أعظم القيم التي جاء بها القرآن الكريم، إذ جعلهما الله أساسًا لقيام السماوات ‏والأرض، وميزانًا تستقيم به حياة الأفراد والمجتمعات. وقد وردت آيات كثيرة في القرآن تُبرز مكانة ‏العدل، وتؤكد أنه من جوهر الإيمان وغاية الرسالات الإلهية.‏

‏العدل أساس التكليف الإلهي

قال تعالى:‏ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90)‏

في هذه الآية يأمر الله تعالى عباده بالعدل في القول والفعل، مع الإحسان في التعامل، لتتحقق المساواة بين ‏الناس دون تفرقة أو ظلم. وهي آية جامعة تُلخّص جوهر الرسالات السماوية وتربط بين الحق والرحمة ‏في سلوك الإنسان.‏

‏القسط ميزان الله بين الناس

قال سبحانه:‏ ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ (الرحمن: 9)‏

القسط هنا بمعنى العدل التام، وهو دعوة لضبط الموازين في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية، حتى لا ‏يظلم أحد أحدًا. فالقرآن يجعل العدل الاقتصادي جزءًا من العبادة، ويعتبر الغش أو التلاعب في الميزان ‏من الكبائر.‏

‏ ‏العدل مع الجميع.. حتى مع الأعداء

قال الله تعالى:‏ ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: 8)‏

تؤكد هذه الآية أن العدل لا يتأثر بالعواطف أو العداوات، فالله يأمر بالعدل حتى مع من نختلف معهم أو ‏نعاديهم، لأن العدالة هي المعيار الذي يُرضي الله ويقود إلى التقوى.‏

‏ ‏العدل في الحكم بين الناس

قال تعالى:‏ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: 58)‏

يخاطب الله الحكّام وأولي الأمر وكل من يتحمل مسؤولية عامة أو خاصة، أن يؤدي الأمانة ويحكم بالعدل ‏دون محاباة أو ظلم، لأن العدل هو الأمانة الكبرى في الحكم والإدارة.‏

‏ ‏إرسال الرسل لتحقيق القسط

قال عز وجل:‏ ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25)‏

هذه الآية تُبرز أن غاية الرسالات الإلهية كلها هي إقامة العدل بين الناس، وأن الكتب السماوية نزلت لتقيم ‏الموازين القسطية التي تحفظ حقوق الإنسان وتصون كرامته.‏

‏ لا عدل بلا صدق

قال تعالى:‏ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾ (النساء: ‏‏135)‏

الآية تؤكد أن العدل لا يتحقق إلا بالصدق والشهادة لله وحده، حتى لو كان ذلك ضد مصلحة الإنسان أو ‏أقاربه، فالمؤمن الحق يقف مع الحق مهما كانت النتائج.‏

يرسم القرآن الكريم في هذه الآيات منهجًا شاملًا للعدل الإلهي، يقوم على المساواة، وإعطاء كل ذي حق ‏حقه، دون تحيّز أو ظلم. فالعدل في الإسلام ليس مجرد نظام قانوني، بل عبادة وسلوك وروح تسكن ‏ضمير الإنسان.‏