المجلة نيوز

شرطا نوويا لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

الأحد 24 أغسطس 2025 08:13 مـ 29 صفر 1447 هـ

تتواصل الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد مخرج للأزمة الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع على التوالي، وَسْط تعقيدات سياسية وعسكرية تجعل من فرص التسوية أمرًا بالغ الصعوبة. وفي هذا السياق، كشف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن شرط محوري يتعلق بالدول الضامنة لأمن أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، وهو شرط وصفه مراقبون بأنه "نووي" من حيث حساسيته وتأثيره على مستقبل أي تسوية محتملة.

الشرط الروسي

لافروف أوضح في مقابلة صحفية نُشرت اليوم الأحد، أن موسكو لا تعارض أن تحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية دولية، شريطة أن تكون تلك الضمانات مقدمة من مجموعة دول "غير نووية وغير منحازة لأي تكتل عسكري"، في إشارة واضحة إلى استبعاد الدول الغربية الكبرى المرتبطة بحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأشار الوزير الروسي إلى أن بلاده تقبل بأن تضم قائمة الضامنين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدُّوَليّ، إضافة إلى دول أخرى مثل ألمانيا وتركيا، غير أن الشرط الأساسي يظل عدم انتماء هذه الدول إلى أحلاف عسكرية أو امتلاكها ترسانة نووية.

بوتين ومطالب موسكو

وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت في وقت سابق عن مصادر مطلعة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشترط لإنهاء الحرب أن تعلن أوكرانيا تخليها الكامل عن منطقة دونباس بشرق البلاد، وأن تتراجع نهائيًا عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف الناتو، وأن تلتزم بسياسة الحياد وعدم السماح بوجود قوات غربية على أراضيها.

وأكد لافروف أن هذه المطالب سبق أن طُرحت في محادثات إسطنبول عام 2022، لكنها لم تحقق أهدافها في حينه، مضيفًا أن بوتين ناقش الملف مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائهما الأخير في ألاسكا.

لقاء ألاسكا

اللقاء الذي جمع بوتين بترامب منتصف الشهر الجاري أثار في بدايته موجة تفاؤل حذرة بإمكانية التوصل إلى تفاهمات تمهد لإنهاء الحرب، إلا أن الآمال سرعان ما تراجعت مع تصريحات للرئيس الأمريكي نفسه، أقر فيها بأن أي لقاء مباشر بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيكون "غاية في الصعوبة".

الموقف الأمريكي

من جانبه، صرّح نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس لشبكة (NBC News) أن روسيا قدّمت بالفعل "تنازلات كبيرة" في سبيل إنهاء الحرب، مشيرًا إلى أن من بين هذه التنازلات موافقة موسكو على منح أوكرانيا ضمانات أمنية دولية تحميها من أي عدوان روسي مستقبلي.

وقال فانس: "للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات ونصف، أقر الروس بأنهم لن يتمكنوا من تنصيب نظام موالٍ لهم في كييف، وهو كان أحد مطالبهم الرئيسية في البداية؛ كما وافقوا على فكرة توفير ضمانات أمنية تضمن سلامة الأراضي الأوكرانية".

ضغوط وعقوبات

في المقابل، أعاد ترامب يوم الجمعة الماضي التأكيد على أنه بصدد فرض عقوبات جديدة على روسيا إذا لم يُحرز أي تقدم ملموس نحو تسوية سلمية خلال أسبوعين، معبرًا عن إحباطه من موسكو على الرغْم من اللقاء الأخير مع بوتين.

وأشار فانس إلى أن واشنطن ستدرس العقوبات على أساس "كل حالة على حدة"، لكنه اعترف في الوقت ذاته بأن العقوبات الإضافية قد لا تكون كافية لإجبار موسكو على القبول بوقف فوري لإطلاق النار.

شروط موسكو الأمنية

تظل الأزمة الأوكرانية عالقة بين شروط موسكو الأمنية والسياسية، ورغبة الغرب في فرض تسوية تحفظ مصالحه.

وبينما تطرح روسيا شرطًا جوهريًا باستبعاد القُوَى النووية وأعضاء التحالفات العسكرية من قائمة ضامني أمن أوكرانيا، تتمسك الولايات المتحدة بالضغط عبر العقوبات والدبلوماسية، في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول ما إذا كانت اللقاءات الأخيرة ستقود فعلًا إلى إنهاء الحرب أم ستظل مجرّد جولة جديدة في صراع طويل ومعقد.