كادت أن تنهي الحرب العالمية.. عملية القفزة الطويلة

شهدت الحرب العالمية الثانية العديد من المعارك الحامية التي كشفت عن نوعية جديدة من الأسلحة الفتاكة التي كادت أن تسبب في فَنَاء البشرية؛ غير أن السلاح الأخطر في تلك الحرب العظمى كان الإنسان.
تتجلي تكل النظرية في عملية مخابراتية من الطراز الرفيع تسمى "القفزة الطويلة" والتي تحد واحدة من أكثر الأفكار جرأة التي نفذها الحزب النازي، تلك العملية لو كان كتب لها النجاح لكان لها تأثير كبير على نتيجة الحرب العالمية الثانية.
لماذا فشلت؟
عملية "القفزة الطويلة" كانت خُطَّة لاغتيال القادة الثلاثة الكبار: جوزيف ستالين، ووينستون تشرشل، وفرانكلين روزفلت، وكان من المقرر تنفيذها في العاصمة الإيرانية طهران، حيث اجتمع القادة في نوفمبر 1943 لعقد مؤتمر.
إلا أن فشل العملية نُسب إلى ذكاء الاستخبارات، وإفشاء الأسرار تحت تأثير الكحول والقليل من الحظ الجيد.
متى بدأ التخطيط؟
بدأ التخطيط للعملية عندما اكتشفت الاستخبارات العسكرية الألمانية مكان انعقاد المؤتمر من خلال فك شفرة البحرية الأمريكية. ووافق أدولف هتلر على المخطط، وتم تحويل العملية إلى إرنست كالتنبروتر، الذي اختار الفريق المنفذ للاغتيال.
وفي 21 نوفمبر بثت الإذاعة الألمانية إعلانا عن اجتماع طهران، مما أثار شائعات عن نية الألمان اغتيال القادة.
في هذه الأثناء أيضا كان للحظ دور واضح، إذ ضمت مجموعة من حرب العصابات السوفياتية العاملة في غابة روفنو الجندي نيكولاي كوزنيتسوف.
كان كوزنيتسوف يتحدث الألمانية بطلاقة، وتظاهر بأنه ملازم أول في الجيش الألماني، مما سمح له بالتسلل إلى صفوف الألمان تحت اسم بول سيبرت.
وخلال وجوده أصبح كوزنيتسوف صديقا لعضو في قوات الأمن الخاصة الألمانية يُدعى أولريش فون أورتل، الذي كان على علم بتفاصيل عملية "القفزة الطويلة".
وقام كوزنيتسوف بجعل فون أورتل يشرب الكحول بكثرة، مما دفع الأخير للتحدث بحرية وكشف تفاصيل العملية.
وأبلغ كوزنيتسوف موسكو فورا، وتم تحذير الاستخبارات السوفياتية في طهران.
الجزء الأول
ورغم ذلك سمحت الاستخبارات السوفياتية بتنفيذ الجزء الأول من الخُطَّة، حيث هبطت المجموعة الألمانية الأولى بالمظلات في مدينة قم، وأعدت محطة ميدانية في فيلا بطهران.
ووفقا لضابط الاستخبارات السوفياتي جيفورك فارتانيان، أقام العملاء معداتهم وقاموا بتغيير مظهرهم بصبغ شعرهم، ولكن هذا كان أبعد ما وصلوا إليه.
وجرى تسجيل اتصالات المجموعة الأولى مع برلين واعتراضها من قبل السوفيات، مما كشف عن استعداد الألمان لإرسال المجموعة الثانية بقيادة أوتو سكورزيني.
وبعد وصول روزفلت إلى طهران تم إبلاغه بالمخطط، ووافق على الاستمرار في الاجتماع على الرغْم من المخاطر، ولتقليل الخطر تم إسكان روزفلت وحاشيته في السفارة السوفياتية.
وألقي القبض على أعضاء المجموعة الأولى وإجبارهم على التواصل مع برلين تحت إشراف السوفيات، وأرسل أحد مشغلي الراديو تقريرا بفشل المهمة، مما دفع الحكومة الألمانية إلى إلغاء إرسال المجموعة الثانية.
وعلى الرغم من فشل العملية فإن هناك جدلا كبيرا حول حقيقتها، وجاءت الشكوك من الوفود الأمريكية والبريطانية في طهران، حيث لم تثق تماما بالمعلومات التي قدمها السوفيات.
كما أشارت لجنة الاستخبارات المشتركة في بريطانيا إلى أن الخُطَّة ربما كانت مجرد اختلاق من قبل ستالين لجعل روزفلت يقيم في مقر السوفيات، حيث يمكن مراقبته.
وأخيرا، أنكر أوتو سكورزيني في مذكراته وجود العملية، مشيرا إلى أن فكرة اغتيال تشرشل كانت موجودة، لكنها لم تكن عملية.