هانيبال القذافي بين الكفالة المليونية والمعركة القانونية
تستعد الساحة القضائية اللبنانية لجولة جديدة في قضية هانيبال القذافي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، بعد صدور قرار بإخلاء سبيله بكفالة مالية ضخمة، وسط جدل واسع حول مدى إمكانية استفادته من هذا القرار في ظل الشروط المشددة المفروضة عليه.
إخلاء السبيل بكفالة مالية ضخمة
بدأت القصة حينما أصدرت السلطات القضائية اللبنانية قرارًا بإخلاء سبيل هانيبال القذافي، المحتجز منذ عدة سنوات، مقابل كفالة مالية قيمتها 11 مليون دولار أمريكي، مع فرض منع السفر عليه، حسبما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
ويأتي هذا القرار بعد سنوات من الاحتجاز، وسط أنباء متزايدة عن تدهور حالته الصحية نتيجة الاحتجاز الطويل.
وقد أكد القاضي زاهر حمادة، المحقق في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر، أنه وافق على إخلاء سبيل هانيبال القذافي مقابل الكفالة المذكورة، لكن القرار أثار جدلًا واسعًا بين المراقبين القانونيين، الذين اعتبروا أن ارتفاع قيمة الكفالة قد يفرغ القرار من مضمونه ويحول دون استفادة هانيبال الحقيقية منه.
موقف فريق الدفاع والطعن المتوقع
أوضح المحامي اللبناني شربل الخوري أن فريق الدفاع، المؤلف من المحامي الفرنسي لوران بايون، والحقوقية التونسية آناس الجراق (منسقة الفريق)، بالإضافة إلى المحاميين اللبنانيين الخوري ونظيب شديد، سيقومون صباح الإثنين المقبل بتقديم طعن رسمي على قرار الكفالة، بهدف إلغائها أو تخفيضها إلى حد معقول، بما يتيح لإطلاق سراح موكلهم فعليًا.
المبادرة القانونية والحقوقية الليبية
جاء قرار إخلاء السبيل بعد أيام من تحرك قضائي ليبي، بهدف تشكيل ائتلاف قانوني وحقوقي للمطالبة بالإفراج عن هانيبال القذافي.
وأكدت جمعية أعضاء الهيئات القضائية في ليبيا أن هذه الخطوة تأتي في ظل ما وصفته بـ"تنصل الجهات الرسمية والمجتمع الدولي من مسؤولياتهم تجاه مواطن ليبي يتعرض لانتهاكات جسيمة". "على حد وصف الجمعية" .
وأوضحت الجمعية في بيانها أن الدعوة للإفراج عن هانيبال تأتي من منطلق وطني وإنساني بعيدًا عن أي اصطفاف سياسي أو شخصي، مشددة على أن صمت المؤسسات الرسمية لا يُعفيها من مسؤوليتها، وأن الدفاع عن حقوق أي مواطن ليبي هو واجب وطني لا يسقط بالتقادم.
الوضع الصحي المتدهور
كما كشفت تقارير إعلامية أن هانيبال القذافي تم نقله إلى المستشفى بشكل عاجل بسبب عارض صحي داخلي، وذلك ضمن مقر احتجازه لدى قوى الأمن الداخلي في بيروت.
وأوضحت المصادر أن حالته الصحية تدهورت، مع إصابته بالتهابات شديدة في الرئة والكبد، مما دفع الأطباء إلى إبقائه في المستشفى، وهي المرة الأولى التي ينام فيها خارج زنزانته منذ أكثر من عشر سنوات.
خلفية القضية
هانيبال القذافي اعتُقل على الحدود اللبنانية عام 2015، وواجه اتهامات بإخفاء معلومات عن مصير الإمام موسى الصدر، رجل الدين الشيعي اللبناني الذي اختفى خلال زيارة إلى ليبيا عام 1978.
ويؤكد هانيبال أنه ضحية للظلم، وأنه متهم بتهمة لم يقترفها، مشيرًا إلى أنه كان عمره لا يتجاوز العامين وقت اختفاء الإمام موسى الصدر.
ويذكر أن هانيبال فر من ليبيا عام 2011 بعد اندلاع الاحتجاجات ضد حكم والده العقيد معمر القذافي، ليصل في نهاية المطاف إلى سوريا، والتي تقول محاميته إنه خُطف منها إلى لبنان عام 2015، لتبدأ سنوات من الاحتجاز الطويلة والمعاناة القانونية والصحية.
الطريق القانوني
مع الطعن المتوقع على قرار الكفالة، يبقى ملف هانيبال القذافي مفتوحًا أمام القضاء اللبناني، وسط متابعة حقوقية وقانونية دولية، ومحاولات لضمان أن يكون أي قرار بإطلاق سراحه قابلًا للتنفيذ فعليًا في ظل المبلغ الضخم للكفالة.

